ثمة صوت لا تسمعه فحسب، بل تراه أيضًا، وربما تمايلت مع نبراته الصنعانية المدهشة، ذاك هو صوت صالح المطري، الشهير باسم الشاب صالح، فالمدى الصوتي لهذا الفنان البالغ من العمر 42 عامًا، يُذكِّر بأصوات ذهبية خالدة، أمثال أبو بكر سالم، وفيصل علوي. فلئن قدم الشاب صالح نفسه باعتباره محبًا ومقلدًا للفنان أحمد السنيدار، إلا أنه يتميز عن غيره ببصمة صوتية قلما تجدها عند المحترفين حسبما يرى البعض.
يروي الشاب صالح، لـ”يمن سايت”، عن تجربته في الإنشاد والغناء منذ كان تلميذًا في الصف الثالث الابتدائي، في صنعاء، إلى لقائه بنجمه الغنائي المفضل، أحمد السنيدار، في عام 2003. مشيرًا إلى صدفة وفرتها تكنولوجيا الاتصال ومواقع التواصل الاجتماعي، دفعته إلى عالم الأضواء، هو الذي بقي صوته حبيس الكورال خلف مطربين محليين.
اختار صالح المطري لنفسه اسم “الشاب صالح”، في محاولة منه لإيجاد اسم مغاير للأسماء المتداولة في الوسط الفني في اليمن، حسبما يقول، لكنه في المسلسلات التلفزيونية التي يشارك فيها، مازال يظهر باسمه الأصلي: صالح المطري.
نجم مغمور
يتذكر الشاب صالح تلك الجلسة المنزلية التي جمعته ذات يوم من أيام أغسطس 2021، بصديقه عازف العود بدر المليحي، وآخرين. “كانت جلسة عادية وبسيطة”، وفق ما يقول، غنى خلالها الشاب صالح أغنيتين من أعمال نجمه المفضل أحمد السنيدار، هما: “أمانتك وانسيم”، و”ظالم شغل بالي”.
كان لتلك الجلسة أن تمر مرور الكرام لو لم يتم توثيقها بواسطة هاتف محمول. وما إن تسرب الفيديو إلى مواقع التواصل الاجتماعي، حتى انتشر صوت الشاب صالح انتشار النار في الهشيم.
لم يكن أحد على الأرجح، بمن فيهم الشاب صالح نفسه، يقدر فرادة صوت المطري المولود في صنعاء، الشغوف إلى درجة الهوس بأعمال الفنان أحمد السنيدار. والدليل على ذلك أن المطري بقي لعقود يغني وينشد من دون أن يتبناه أحد أو جهة ما، برغم تمتعه بخامة صوتية تؤهله ليكون في مصاف النجوم.
ويقر الشاب صالح أنه لم يتوقع أن يلقى فيديو الجلسة الغنائية، ذلك الصدى والانتشار، ويحصد آلاف المشاهدات، خصوصًا وأن الجلسة صورت بواسطة هاتف متواضع. مؤكدًا أن ذلك الاستقبال حفزه على تصوير مزيد من المقاطع الغنائية للأغاني السنيدارية، لينشرها على حساباته على “فيسبوك” و”تيك توك” و”إنستغرام”.
منذ كان طفلًا في المدرسة الابتدائية، شارك الشاب صالح في مجال الإنشاد الديني، وفي الأعراس، برفقة المنشد قاسم علي زبيدة. والشاب صالح عضو مشارك في جمعية المنشدين اليمنيين، وفي فرقة المسرة الحضرمية.
في عام 2003، وأثناء مشاركته مع فرقة المسرة الحضرمية، في حفل إنشادي احتضنته دار الأوبرا المصرية، تمكن الشاب صالح من مقابلة الفنان أحمد السنيدار الذي كان يشغل حينها مديرالمركز الثقافي اليمني في القاهرة.
عن تلك المناسبة يقول صالح: “حالفني الحظ وجمعني لأول مرة بقدوتي الأولى في الفن الصنعاني، الفنان القدير أحمد السنيدار”. ويضيف: “كانت فرحتي كبيرة وأنا ألتقيه وجهًا لوجه، عبرت له عن حبي واهتمامي وشغفي بفنه الأصيل، وقمت بتقليد صوته”. مشيرًا إلى أن السنيدار أثنى حينها على صوته، وشجعه على الاستمرار في الغناء.
بيد أن شهرة الشاب صالح الحقيقية لم تبرز سوى بعد سنوات كثيرة من ذلك اللقاء، وتحديدًا عبر مقاطع الفيديو المنشورة على مواقع التواصل الاجتماعي، فقد وصلت مشاهدات بعض مقاطع الشاب صالح على يوتيوب الى أزيد من مئة وخمسون ألف مشاهدة.
ملهمتي الأولى
يظهر من حديث الشاب صالح ومنشوراته تشتت جهوده ما بين إنتاج الإعلانات التجارية، والمشاركة في مسلسلات إذاعية وتلفزيونية، وحفلات الأعراس، ولهذا السبب تقريبًا تأخر بروزه كمغنٍّ ويقر صالح بأنه شارك في أكثر من 100 إعلان تجاري، وكتب سيناريو مسلسل إذاعي لمحطة “سام إف إم”، بعنوان “يوميات مرزوق”، كما شارك في مسلسلين تلفزيونيين؛ أحدهما بعنوان “تكتيك”.
ويتمتع الشاب صالح بصوت عذب وطيقة صوتية عالية وجلية، بحيث أمكن للذين يجدون صعوبة في التقاط مفردات اللهجة الصنعانية، فهم كلماتها بوضوح في غناء الشاب صالح، الذي يبدو كأنه يغني بحواسة الخمس، يوقع بأصابع يديه، ويتمايل بجسده بمرح وتلقائية جذابة تخلو من التصنع، ماترك أثرًا إيجابيًا لدى مشاهديه ومستمعيه.
ويعزو الشاب صالح نجاحه إلى زوجته التي لم يكشف عن اسمها، مكتفيًا بكنيتها “أم محمد”. يقول: “لا أنسى زوجتي أم محمد، كانت ومازالت ملهمتي الأولى. أستشيرها في كافة الأعمال المقدمة لي. لها الحب والتقدير، فوراء كل رجل ناجح امرأة، وهي المرأة التي كانت سببًا في نجاحي وتألقي”.. ويضيف: “كل لغات العالم لا تستطيع أن تعبر عما بداخلي نحو من وقفت معي وآمنت بموهبتي منذ البداية”.