رحل العم محب حسين محب، بعد أن وزع البهجة على كل بيت يمني، وسيواصل توزيعها بعد رحيله على كل البيوت اليمنية القائمة والتي ستقوم في قادم الأيام والسنين.
كان العم محب محباً للموسيقى والغناء والفن، وقد ترجم حبه هذا إلى ما يمكننا وصفه بمؤسسة فنية متكاملة، عائلة فنية متعددة الأصوات والأنغام والأجنحة.
العم محب أنجب حسين محب، ولو لم يكن له سواه، لكفاه.لكن له أيضاً حفيداً من ابنه نبيل، هو محمد نبيل. وهو فنان صغير في السن فقط، أما في الصوت والأداء والكاريزما، فهو فنان كبير. وهو من الفنانين اليمنيين القلائل الذين بدأوا فنانين منذ الصغر (ماريا قحطان، مثلاً).
منذ سمعت محمد نبيل يغني لأول مرة، لم أتعامل معه كموهبة واعدة، بل كفنان. قلت هذا لحسين في أول لقاء جمعني به قبل سنوات في القاهرة، قبل أن نعمل معاً في المركز الثقافي، وأضفت ممازحاً أنه يهدد عرشه. كنت واثقاً طبعاً من أن حسين يقوم مع محمد نبيل بالدور الذي كان يقوم به أخوه نبيل معه. (على سبيل المثال، اقترحت عليه في ذلك اللقاء إخراج محمد من صنعاء إلى القاهرة لدراسة الموسيقى في المعهد العالي للموسيقى أو بيت العود. بعد عدة أشهر من ذلك اللقاء، التقيت حسين في مطعم بالصدفة، وجلس للغداء معنا، وخلال الغداء، سألته عن محمد. أجابني بسرعة وابتسامة: قد وديته يدرس عود في دبي).
أما نبيل، أبو محمد، والأخ الأكبر لحسين، فهو موسيقي أيضاً، عازف مزمار مدهش. وقد كان له دور كبير في مسيرة حسين. هو الذي اشترى أول عود عزف عليه حسين. اشتراه لنفسه، وكان حسين يسترقه ويعزف عليه سراً، استمر كذلك عدة أشهر، قرابة الثمانية، حتى سمعه نبيل يعزف على عوده، فقال له: “هذا عودك”، وأخرجه -مع أول أعواده- إلى الناس، وأصبح يحثه على العزف والغناء أمام الجميع.
ومثلما لم يكن نبيل وحسين الابنين الوحيدين المحبين للفن بين أبناء العم محب، لم يكن محمد نبيل الحفيد الوحيد الفذّ بين أحفاد العم محب، بل هناك عدة أحفاد آخرين له من أبنائه وبناته، يبدعون كل في مجاله الموسيقي.
كان العم محب جميل الوجه والعين والأذن والقلب والمضمون، وقد خلف وراءه أثراً جميلاً، أثراً مستمراً ومتنامياً وغير متناهي الجمال.
وداعاً يا عم محب، وداعاً يا موزع البهجة على بيوت وقلوب الملايين!
تغمدك الله بواسع رحمته، وعصم قلوب أبنائك وبناتك وأحفادك وكل أفراد أسرتك الكريمة، بالصبر.